أي لو أجيبوا إلى ما اقترحوا من الآيات لأصروا على الكفر وتعلّلوا بالخيالات ؛ كما قالوا للقرآن المعجز : إنه سحر.
﴿ يَعْرُجُونَ ﴾ من عَرَج يَعْرُج أي صعِد.
والمعارج المصاعد.
أي لو صعِدوا إلى السماء وشاهدوا الملكوت والملائكة لأصروا على الكفر ؛ عن الحسن وغيره.
وقيل : الضمير في "عليهِم" للمشركين.
وفي "فظَلّوا" للملائكة، تذهب وتجيء.
أي لو كشف لهؤلاء حتى يعاينوا أبواباً في السماء تصعَد فيها الملائكة وتنزل لقالوا : رأينا بأبصارنا ما لا حقيقة له ؛ عن ابن عباس وقتادة.
ومعنى ﴿ سُكِّرَتْ ﴾ سُدّت بالسحر ؛ قاله ابن عباس والضحاك.
وقال الحسن : سُحرت.
الكلبي : أغشيت أبصارنا ؛ وعنه أيضاً عَمِيت.
قتادة : أخذت.
وقال المُؤَرِّج : دِيرَ بنا من الدوران ؛ أي صارت أبصارنا سكرى.
جُوَيْبِر : خُدعت.
وقال أبو عمرو بن العلاء :"سكرت" غُشِّيت وغُطّيت.
ومنه قول الشاعر :
وطلعت شمس عليها مِغْفَر...
وجعلت عين الحَرور تَسْكُرُ
وقال مجاهد :"سُكِّرت" حبست.
ومنه قول أوْس بن حَجر :
فصرت على ليلة ساهرهْ...
فليست بطَلْقٍ ولا سَاكرَهْ
قلت : وهذه أقوال متقاربة يجمعها قولك : مُنِعت.
قال ابن عُزَيْز :"سُكِّرت أبصارنا" سُدّت أبصارنا ؛ هو من قولك : سَكَرت النهرَ إذا سددته.
ويقال : هو من سُكْر الشراب، كأن العين يلحقها ما يلحق الشارب إذا سكِر.
وقرأ ابن كَثير "سَكِرت" بالتخفيف.
والباقون بالتشديد.
قال ابن الأعرابي : سُكِرت ملئت.
قال المهدَوِيّ : والتخفيف والتشديد في "سكرت" ظاهران، التشديد للتكثير والتخفيف يؤدّي عن معناه.
والمعروف أن "سكر" لا يتعدى.
قال أبو علي : يجوز أن يكون سُمع متعدياً في البصر.
ومن قرأ "سَكِرت" فإنه شبه ما عرض لأبصارهم بحال السكران، كأنها جرت مجرى السكران لعدم تحصيله.
وقد قيل : إنه بالتخفيف ( من ) سكر الشراب، وبالتشديد أُخِذت، ذكرهما الماوردي.


الصفحة التالية
Icon