وقال أبو حيان :
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر ﴾
ولما قالوا على سبيل الاستهزاء : يا أيها الذي نزل عليه الذكر، رد عليهم بأنه هو المنزل عليه، فليس من قبله ولا قبل أحد، بل هو الله تعالى الذي بعث به جبريل عليه السلام إلى رسوله، وأكد ذلك بقوله : إنا نحن، بدخول إنّ وبلفظ نحن.
ونحن مبتدأ، أو تأكيد لاسم إنّ ثم قال : وإنا له لحافظون أي : حافظون له من الشياطين.
وفي كل وقت تكفل تعالى بحفظه، فلا يعتريه زيادة ولا نقصان، ولا تحريف ولا تبديل، بخلاف غيره من الكتب المتقدمة، فإنه تعالى لم يتكفل حفظها بل قال تعالى : إن الربانيين والأحبار استحفظوا ولذلك وقع فيها الاختلاف.
وحفظه إياه دليل على أنه من عنده تعالى، إذ لو كان من قول البشر لتطرق إليه ما تطرق لكلام البشر.
وقال الحسن : حفظه بإبقاء شريعته إلى يوم القيامة.
وقيل : يحفظه في قلوب من أراد بهم خيراً حتى لو غير أحد نقطة لقال له الصبيان : كذبت، وصوابه كذا، ولم يتفق هذا لشيء من الكتب سواه.
وعلى هذا فالظاهر أنّ الضمير في له عائد على الذكر، لأنه المصرح به في الآية، وهو قول الأكثر : مجاهد، وقتادة، وغيرهما.
وقالت فرقة : الضمير في له عائد على رسول الله ( ﷺ ) أي : يحفظه من أذاكم، ويحوطه من مكركم كما قال تعالى :﴿ والله يعصمك من الناس ﴾ وفي ضمن هذه الآية التبشير بحياة رسول الله ( ﷺ ) حتى يظهر الله به الدين.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) ﴾
لما ذكر تعالى استهزاء الكفار به عليه السلام، ونسبته إلى الجنون، واقتراح نزول الملائكة، سلاه تعالى بأن من أرسل من قبلك كان ديدن الرسل إليهم مثل ديدن هؤلاء معك.
وتقدم تفسير الشيع في أواخر الأنعام.
ومفعول أرسلنا محذوف أي : رسلاً من قبلك.