وقال الزجاج : أن الكافر كلما رأى حالاً من أحوال العذاب ورأى حالاً من أحوال المسلم ود لو كان مسلماً وقيل إذا رأى الكافر أن الله تعالى يرحم المسلمين، ويشفع بعضهم في بعض حين يقول : من كان من المسلمين فليدخل الجنة فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين والقول المشهور أن ذلك التمني حين يخرج الله المؤمنين من النار عن أبي موسى الأشعري عن النبي ( ﷺ ) " قال إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة : ألستم مسلمين؟ قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار.
قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيغفرها الله لهم بفضل رحمته فيأمر الله بكل من كان من أهل القبلة في النار، فيخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " ذكره البغوي بغير سند، وكذا ذكره ابن الجوزي وقال : وإليه ذهب ابن عباس في رواية عنه عن أنس بن مالك ومجاهد وعطاء وأبو العالية وإبراهيم يعني النخعي.
فإن قلت : رب إنما وضعت للتقليل، وتمني الذين كفروا لو كانوا مسلمين يكثر يوم القيامة فكيف قال : ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
قلت : قال صاحب الكشاف هو وارد على مذهب العرب في قولهم لعلك ستندم على فعلك، وربما ندم الإنسان على فعله، ولا يشكون في تندمه ولا يقصدون تقليله، ولكنهم أرادوا لو كان الندم مشكوكاً فيه أو كان قليلاً لحق عليك أن لا تفعل هذا الفعل لأن العقلاء يتحرزون من التعرض للغمِّ المظنون كما يتحرزون من المتيقن ومن القليل منه كما يتحرزون من الكثير وقال غيره إن هذا القليل أبلغ في التهديد ومعناه يكفيك قليل الندم في كونه زاجراً لك عن هذا الفعل.
فيكف بكثيره؟ وقيل : إن شغلهم بالعذاب لا يقرعهم للندامة إنما يخطر ذلك ببالهم.