والثاني : أنهم كانوا يستبعدون كونه رسولاً حقاً من عند الله تعالى، فالرجل إذا سمع كلاماً مستبعداً من غيره فربما قال له هذا جنون وأنت مجنون لبعد ما يذكره من طريقة العقل، وقوله :﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ في هذه الآية يحتمل الوجهين.
أما قوله :﴿يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ ففيه وجهان : الأول : أنهم ذكروه على سبيل الاستهزاء كما قال فرعون :﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [ الشعراء : ٢٧ ] وكما قال قوم شعيب :﴿إِنَّكَ لأَنتَ الحليم الرشيد﴾ [ هود : ٨٧ ] وكما قال تعالى :﴿فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [ آل عمران : ٢١ ] لأن البشارة بالعذاب ممتنعة.
والثاني :﴿يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر﴾ في زعمه واعتقاده، وعند أصحابه وأتباعه.
ثم حكى عنهم أنهم قالوا في تقرير شبههم :﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملئكة إِن كُنتَ مِنَ الصادقين﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية