الاحتمال الأول : أن كلمة "من" مختصة بالعقلاء فوجب أن يكون المراد من قوله :﴿وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ برازقين﴾ العقلاء وهم العيال والمماليك والخدم والعبيد، وتقرير الكلام أن الناس يظنون في أكثر الأمر أنهم الذين يرزقون العيال والخدم والعبيد، وذلك خطأ فإن الله هو الرزاق يرزق الخادم والمخدوم، والمملوك والمالك فإنه لولا أنه تعالى خلق الأطعمة والأشربة، وأعطى القوة الغاذية والهاضمة، وإلا لم يحصل لأحد رزق.
والاحتمال الثاني : وهو قول الكلبي قال : المراد بقوله :﴿وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ برازقين﴾ الوحش والطير.
فإن قيل : كيف يصح هذا التأويل مع أن صيغة من مختصة بمن يعقل ؟
قلنا : الجواب عنه من وجهين : الأول : أن صيغة من قد وردت في غير العقلاء، والدليل عليه قوله تعالى :﴿والله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مّن مَّاء فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِى على رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على أَرْبَعٍ﴾ [ النور : ٤٥ ].


الصفحة التالية
Icon