وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وإنا لنحن نحيي ونميت ﴾ الآيات،
هذه الآيات مع الآيات التي قبلها تضمنت العبرة والدلالة على قدرة الله تعالى وما يوجب توحيده وعبادته، فمعنى هذه : وإنا لنحن نحيي من نشاء بإخراجه من العدم إلى وجود الحياة، وبرده عند البعث من مرقده ميتاً، ونميت بإزالة الحياة عمن كان حياً، ﴿ ونحن الوارثون ﴾، أي لا يبقى شيء سوانا، وكل شيء هالك إلا وجهه لا رب غيره.
ثم أخبر تعالى بإحاطة علمه بمن تقدم من الأمم، بمن تأخر في الزمن من لدن أهبط آدم إلى الأرض إلى يوم القيامة، وأعلم أنه هو الحاشر لهم الجامع لعرض القيامة على تباعدهم في الأزمان والأقطار، وأن حكمته وعلمه يأتيان بهذا كله على أتم غاياته التي قدرها وأرادها.
وقرأ الأعرج " يحشِرهم " بكسر الشين.
قال القاضي أبو محمد : بهذا سياق معنى الآية، وهو قول جمهور المفسرين : وقال الحسن : معنى قوله :﴿ ولقد علمنا المستقدمين ﴾ أي في الطاعة، والبدار إلى الإيمان والخيرات، و﴿ المستأخرين ﴾ بالمعاصي.
قال القاضي أبو محمد : وإن كان اللفظ يتناول كل تقدم وتأخر على جميع وجوهه فليس يطرد سياق معنى الآية إلا كما قدمنا، وقال ابن عباس ومروان بن الحكم وأبو الجوزاء : نزل قوله :﴿ ولقد علمنا ﴾ الآية، في قوم كانوا يصلون مع النبي ﷺ وكانت تصلي وراءه امرأة جميلة، فكان بعض القوم يتقدم في الصفوف لئلا تفتنه، وكان بعضهم يتأخر ليسرق النظر إليها في الصلاة، فنزلت الآية فيهم.
قال القاضي أبو محمد : وما تقدم الآية من قوله :﴿ ونحن الوارثون ﴾ وما تأخر من قوله :﴿ وإن ربك يحشرهم ﴾، يضعف هذه التأويلات، لأنها تذهب اتصال المعنى، وقد ذكر ذلك محمد بن كعب القرظي لعون بن عبد الله. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾