فصل
قال الفخر :
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿فَأَنظِرْنِى﴾ متعلق بما تقدم والتقدير : إذا جعلتني رجيماً ملعوناً إلى يوم الدين فأنظرني فطلب الإبقاء من الله تعالى عند اليأس من الآخرة إلى وقت قيام القيامة.
لأن قوله :﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ المراد منه يوم البعث والنشور وهو يوم القايمة، وقوله :﴿فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين * إلى يَوْمِ الوقت المعلوم﴾ اعلم أن إبليس استنظر إلى يوم البعث والقيامة، وغرضه منه أن لا يموت لأنه إذا كان لا يموت قبل يوم القيامة، وظاهره أن بعد قيام القيامة لا يموت أحد فحينئذ يلزم منه أن لا يموت ألبتة.
ثم إنه تعالى منعه عن هذا المطلوب وقال :﴿إِنَّكَ مِنَ المنظرين * إلى يَوْمِ الوقت المعلوم﴾ واختلفوا في المراد منه على وجوه : أحدها : أن المراد من يوم الوقت المعلوم وقت النفخة الأولى حين يموت كل الخلائق، وإنما سمي هذا الوقت بالوقت المعلوم لأن من المعلوم أن يموت كل الخلائق فيه.
وقيل : إنما سماه الله تعالى بهذا الاسم، لأن العالم بذلك الوقت هو الله تعالى لا غير كما قال تعالى :﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ] وقال :﴿إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة﴾ [ لقمان : ٣٤ ].
وثانيها : أن المراد من يوم الوقت المعلوم هو الذي ذكره إبليس وهو قوله :﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ وإنما سماه تعالى بيوم الوقت المعلوم ؟ لأن إبليس لما عينه وأشار إليه بعينه صار ذلك كالمعلوم.
فإن قيل : لما أجابه الله تعالى إلى مطلوبه لزم أن لا يموت إلى وقت قيام الساعة وبعد قيام القيامة لا يموت أيضاً، فيلزم أن يندفع عنه الموت بالكلية.
قلنا : يحمل قوله :﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ إلى ما يكون قريباً منه.