قال القاضي أبو محمد : والظاهر من قوله ﴿ عبادي ﴾ : الخصوص في أهل الإيمان والتقوى لا عموم الخلق، وبحسب هذا يكون ﴿ إلاَّ من اتبعك ﴾ مستثنى من غير الأول، التقدير لكن من اتبعك من الغاوين لك عليهم سلطان، وإن أخذنا العباد عاماً في عباد الناس إذ لم يقرر الله لإبليس سلطاناً على أحد فإنا نقدر الاستثناء في الأقل في القدر من حيث لا قدر للكفار، والنظر الأول أصوب، وإنما الغرض أن لا تقع في استثناء الأكثر من الأقل، وإن كان الفقهاء قد جوزوه، قال أبو المعالي ليس معروفاً في استعمال العرب، وهذه الآية أمثل ما احتج به مجوزوه.
قال القاضي أبو محمد : ولا حجة لهم في الآية على ما بينته، وقوله ﴿ جهنم لموعدهم ﴾ أي موضع اجتماعهم، والموعد يتعلق بزمان ومكان، وقد يذكر المكان ولا يحد زمان الموعد، و﴿ أجمعين ﴾ تأكيد وفيه معنى الحال، وقوله ﴿ لها سبعة أبواب ﴾ قيل إن النار بجملتها سبعة أطباق أعلاها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم وفيه أبو جهل، ثم الهاوية، وإن في كل طبق منها باباً، فالأبواب على هذا بعضها فوق بعض، وعبر في هذه الآية عن النار جملة ب ﴿ جهنم ﴾ إذ هي أشهر منازلها وأولها وهي موضع عصاة المؤمنين الذين لا يخلدون، ولهذا روي أن جهنم تخرب وتبلى، وقيل إن النار أطباق كما ذكرنا لكن " الأبواب السبعة " كلها في جهنم على خط استواء، ثم ينزل من كل باب إلى طبقة الذي يفضى إليه.
قال القاضي أبو محمد : واختصرت ما ذكر المفسرون في المسافات التي بين الأبواب وفي هواء النار، وفي كيفية الحال إذ هي أقوال أكثرها لا يستند، وهي في حيز الجائز، والقدرة أعظم منها، عافانا الله من ناره وتغمدنا برحمته بمنه. وقرأ الجمهور " جزء " بهمز، وقرأ ابن شهاب " جزُء " بضم الزاي، وقرأت فرقة " جزّ " بشد الزاي دون همز وهي قراءة ابن القعقاع. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾