ثم إن قوله سبحانه :"ليس لك عليهِم سلطان" يحتمل أن يكون خاصاً فيمن حفظه الله، ويحتمل أن يكون في أكثر الأوقات والأحوال، وقد يكون في تسلطه تفريج كربة وإزالة غمة ؛ كما فُعل ببلال، إذ أتاه يهدّيه كما يهدّى الصبيّ حتى نام، ونام النبيّ ﷺ وأصحابه فلم يستيقظوا حتى طلعت الشمس، وفزعوا وقالوا : ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتِنا؟ فقال لهم النبيّ ﷺ :" ليس في النوم تفريط " ففرّج عنهم.
﴿ إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين ﴾ أي الضالين المشركين.
أي سلطانه على هؤلاء ؛ دليله ﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ على الذين يَتَوَلَّوْنَهُ والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [ النحل : ١٠٠ ].
الثانية : وهذه الآية والتي قبلها دليل على جواز استثناء القليل من الكثير والكثير من القليل ؛ مثل أن يقول : عشرة إلا درهماً.
أو يقول : عشرة إلا تسعة.
وقال أحمد بن حنبل : لا يجوز أن يستثني إلا قدر النصف فما دونه.
وأما استثناء الأكثر من الجملة فلا يصح.
ودليلنا هذه الآية ؛ فإن فيها استثناء "الغاوين" من العباد والعباد من الغاوين، وذلك يدل على أن استثناء الأقل من الجملة واستثناء الأكثر من الجملة جائز.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
يعني إبليس ومن اتبعه.
﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ﴾ أي أطباق، طبق فوق طبق ﴿ لِكُلِّ بَابٍ ﴾ أي لكل طبقة ﴿ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾ أي حظ معلوم.
ذكر ابن المبارك قال : أخبرنا إبراهيم أبو هارون الغَنَوِيّ قال : سمعت حِطّان بن عبد الله الرَّقاشي يقول سمعت عليًّا رضي الله عنه يقول : هل تدرون كيف أبواب جهنم؟ قلنا : هي مثل أبوابنا.