وإنما استثنى إبليس المخلصين لأنه علم أن كيده ووسوسته لا تعمل فيهم، ولا يقبلون منه وحقيقة الإخلاص فعل الشيء خالصاً لله عن شائبة الغير فكل من أتى بعمل من أعمال الطاعات فلا يخلو، إما أن مراده بتلك الطاعات وجه الله فقط، أو غير الله أو مجموع الأمرين.
أما ما كان لله تعالى فهو الخالص المقبول، وأما ما كان لغير الله فهو الباطل المردود، وأما من كان مراده مجموع الأمرين فإن ترجح جانب الله تعالى كان من المخلصين الناجحين وإن ترجح الجانب الآخر كان من الهالكين لأن المثل يقابله المثل فيبقى القدر الزائد، وإلى أي الجانبين رجح أخذ به ﴿ قال ﴾ يعني قال الله تبارك وتعالى ﴿ هذا صراط علي مستقيم ﴾ قال الحسن معناه هاذا صراط إلى مستقيم.
وقال مجاهد : الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه لا يعرج إلى شيء.
وقال الأخفش : معناه على الدلالة على الصراط المستقيم.
وقال الكسائي : هذا على طريق التهديد والوعيد كما يقول الرجل لمن يخاصمه : طريقك علي أي لا تنفلت مني.
وقيل : معناه علي استقامته بالبيان والبرهان والتوفيق والهداية.
وقيل : هذا عائد إلى الإخلاص والمعنى أن الإخلاص طريق علي وإلي يؤدي إلى كرامتي ورضواني.
﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ﴾
أي قوة وقدرة وذلك أن إبليس لما قال : لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين، أوهم بهذا الكلام أن له سلطاناً على غير المخلصين فبين الله سبحانه وتعالى، أنه ليس له سلطان على أحد من عبيده سواء كان من المخلصين، أو لم يكن من المخلصين.


الصفحة التالية
Icon