أي بسبب إغوائك إياي ﴿ لأزَيّنَنَّ ﴾ أي أقسم لأزينن ﴿ لَهُمْ ﴾ أي لذريته وهو مفهوم من السياق وإن لم يجر له ذكر، وقد جاء مصرحاً به في قوله تعالى حكاية عن اللعين أيضاً :﴿ لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ ﴾ [ الإسراء : ٦٢ ] ومفعول ﴿ أزينن ﴾ محذوف أي المعاصي ﴿ ضَلَلْنَا فِى الأرض ﴾ أي هذا الجرم المدحو وكأن اللعين أشار بذلك إلى أني أقدر على الاحتيال لآدم والتزيين له الأكل من الشجرة في السماء فإنا على التزيين لذريته في الأرض أقدر، ويجوز أنه أراد بالأرض الدنيا لأنها محل متاعها ودارها، وذكر بعضهم أن هذا المعنى عرفى للأرض وأنها إنما ذكرت بهذا اللفظ تحقيراً لها، ولعل التقييد على ما قيل للإشارة إلى أن للتزين محلاً يقوي قبوله أي لأزينن لهم المعاصي في الدنيا التي هي دار الغرور، وجوز أن يكون يراد بها هذا المعنى وينزل الفعل منزلة اللازم ثم يعدى بفي، وفي ذلك دلالة على أنها مستقر التزيين وأنه تمكن المظروف في ظرفه، ونحوه قول ذي الرمة :
فإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها...
إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلي
والمعنى لأحسنن الدنيا وأزيننها لهم حتى يشتغلوا بها عن الآخرة، وجوز جعل الباء للقسم و﴿ مَا ﴾ مصدرية أيضاً أي أقسم بإغوائك إياي لازينن، وأقسامه بعزة الله تعالى المفسرة بسلطانه وقهره لا ينافي أقسامه بهذا فإنه فرع من فروعها وأثر من آثارها فلعله أقسم بهما جميعاً فحكى تارة قسمه بهذا وأخرى بذاك، وزعم بعضهم أن السببية أولى لأنه وقع في مكان آخر ﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾ [ ص : ٨٢ ] والقصة واحدة والحمل على محاورتين لا موجب له ولأن القسم بلإغواء غير متعارف انتهى، وفيه نظر ظاهر فإ قوله :﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾ [ ص : ٨٢ ] يحتمل القسمية أيضاً، وقد صرح الطيبي بأن مذهب الشافعية أن القسم بالعزة والجلال يمين شرعاً فالآية على الزاعم لا له.


الصفحة التالية
Icon