والأعرج أي الذين أخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من كل ما ينافي ذلك، وكان الظاهر وأن منهم من لا أغويه مثلاً، وعدل عنه إلى ما ذكر لكون الإخلاص والتمحض لله تعالى يستلزم ذلك فيكون من ذكر السبب وإرادة مسببه ولازمه على طريق الكناية وفيه اثبات الشيء بدليله فهو من التصريح به، وقرأ باقي السبعة والجمهور بكسر اللام أي الذين أخلصوا العمل لك ولم يشركوا معك فيه أحداً.
﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) ﴾
﴿ قَالَ ﴾ الله سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا صراط عَلَىَّ ﴾ أي حق لا بد أن أراعيه ﴿ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ لا انحراف فيه فلا يعدل عنه إلى غيره، والإشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخلص المخلصين من إغوائه وكلمة ﴿ عَلَىَّ ﴾ تستعمل للوجوب والمعتزلة يقولون به حقيقة لقولهم بوجوب الأصلح عليه تعالى، وقال أهل السنة : إن ذلك وإن كان تفضلاً منه سبحانه إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته وتحقق وقوعه بمقتضى وعده جل وعلا فنجيء بعلي لذلك أو إلى ما تضمنه ﴿ المخلصين ﴾ [ الحجر : ٤٠ ] بالكسر من الإخلاص على معنى أنه طريق يؤدي إلى الوصول إلى من غير إعوجاج وضلال وهو على نحو طريقك على إذا انتهى المرور عليه، وإيثار حرف الاستعلاء على حرف الانتهاء لتأكيد الاستقامة والشهادة باستعلاء من ثبت عليه فهو أدل على التمكن من الوصول، وهو تمثيل فلا استعلاء لشيء عليه سبحانه وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وليست ﴿ عَلَىَّ ﴾ فيه بمعنى إلى.
نعم أخرج ابن جرير عن الحسن أنه فسرها بها، وأخرج عن زياد بن أبي مريم.
وعبد الله بن كثير أنهما قرآ ﴿ هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ ﴾ وقالا :﴿ على ﴾ هي إلى وبمنزلتها والأمر في ذلك سهل، وهي متعلقة بيمر مقدراً و﴿ صراط ﴾ متضمن له فيتعلق به.


الصفحة التالية
Icon