وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى ﴿ إن المتقين في جنات وعيون ﴾
المراد بالمتقين الذين اتقوا الشرك في قول جمهور المفسرين وقيل : هم الذين اتقوا الشرك والمعاصي والجنات والبساتين والعيون والأنهار الجارية في الجنات، وقيل : يحتمل أن تكون هذه العيون غير الأنهار الكبار التي في الجنة، وعلى هذا فهل يختص كل واحد من أهل الجنة بعيون أو تجري هذه العيون من بعضهم إلى بعض؟ وكلا الأمرين محتمل فيحتمل أن كل واحد من أهل الجنة يختص بعيون تجري في جناته وقصوره ودوره فينتفع بها هون ومن يختص به من حوره وولدانه، ويحتمل أنها تجري من جنات بعضهم إلى جنات بعض لأنهم قد طهروا من الحسد والحقد.
﴿ ادخلوها ﴾ أي يقال لهم : ادخلوها والقائل هو الله تعالى أو بعض ملائكته ﴿ بسلام آمنين ﴾ يعني ادخلوا الجنة مع السلامة والأمن من الموت ومن جميع الآفات ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ الغل الحقد الكامن في القلب.
ويطلق على الشحناء والعداوة والبغضاء والحقد والحسد، وكل هذه الخصال المذمومة داخلة في الغل لأنها كامنة في القلب يروى أن المؤمنين يحبسون على باب الجنة فيقتص بعضهم من بعض ثم يؤمر بهم إلى الجنة، وقد نقيت قلوبهم من الغل والغش والحقد والحسد ﴿ إخواناً ﴾ يعني في المحبة والمودة والمخالطة، وليس المراد منه إخوة النسب ﴿ على سرر ﴾ جمع سرير.
قال بعض أهل المعاني : السرير مجلس رفيع عدل مهيأ للسرور وهو مأخوذ منه لأنه مجلس سرور.