وعلى أن حذف الحرفين جائز قال تعالى في موضع :﴿وَلاَ تَكُ﴾ وفي موضع :﴿وَلاَ تَكُن﴾ فأما فتح النون فعلى غير الإضافة والنون علامة الرفع وهي مفتوحة أبداً، وقوله :﴿بشرناك بالحق﴾ قال ابن عباس : يريد بما قضاه الله تعالى والمعنى : أن الله تعالى قضى أن يخرج من صلب إبراهيم إسحق عليه السلام.
ويخرج من صلب إسحق مثل ما أخرج من صلب آدم فإنه تعالى بشر بأنه يخرج من صلب إسحق أكثر الأنبياء فقوله :﴿بالحق﴾ إشارة إلى هذا المعنى وقوله :﴿فَلاَ تَكُن مّنَ القانطين﴾ نهي لإبراهيم عليه السلام عن القنوط وقد ذكرنا كثيراً أن نهي الإنسان عن الشيء لا يدل على كون المنهى فاعلاً للمنهى عنه كما في قوله :
﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين﴾ [ الأحزاب : ١ ] ثم حكى تعالى عن إبراهيم عليه السلام أنه قال :﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضآلون﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
هذا الكلام حق، لأن القنوط من رحمة الله تعالى لا يحصل إلا عند الجهل بأمور : أحدها : أن يجهل كونه تعالى قادراً عليه.
وثانيها ؛ أن يجهل كونه تعالى عالماً باحتياج ذلك العبد إليه.
وثالثها : أن يجهل كونه تعالى منزهاً عن البخل والحاجة والجهل فكل هذه الأمور سبب للضلال، فلهذا المعنى قال :﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضآلون ﴾.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon