قال القاضي أبو محمد : وهذا حمل منه، وتقدير هذه القراءة أنه حذفت النون التي للمتكلم وكسرت النون التي هي علامة الرفع بحسب الياء، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها، ونحو هذا قول الشاعر أنشده سيبويه :[ الوافر ]
تراه كالثغام يعل مسكاً... يسوء الفاليات إذا فليني
ومنه قول الآخر :
أبالموت الذي لا بد أني... ملاق لا أباك تخوفيني
ومن حذف هذه النون قول الشاعر :
قدني من نصر الخبيبين قدي... يريد عبد الله ومصعباً ابني الزبير، وكان عبد الله يكنى أبا خبيب، وقرأ الحسن " فبم تَبشُرون " بفتح التاء وضم الشين، وقول إبراهيم عليه السلام ﴿ فبم تبشرون ﴾ تقرير على جهة التعجب والاستبعاد لكبرهما، أو على جهة الاحتقار وقلة المبالاة بالمسرة الدنيوية لمضي العمر واستيلاء الكبر. قال مجاهد : عجب من كبره ومن كبر امرأته، وقد تقدم ذكر سنة وقت البشارة. وقولهم ﴿ بشرناك بالحق ﴾ فيه شدة ما، أي بشر بما بشرت به ودع غير ذلك، وقرأ جمهور الناس " القانطين " والقنوط : أتم اليأس، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وابن مصرف ورويت عن عمرو " القنطين "، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة، " من يقنَط " بفتح النون في كل القرآن، وقرأ أبو عمرو والكسائي " ومن يقنِط " بكسر النون، وكلهم قرأ من ﴿ بعد ما قنطوا ﴾ [ الشورى : ٢٨ ] بفتح النون، ورد أبو عبيدة قراءة أهل الحرمين وأنكر أن يقال قِنط بكسر النون، وليس كما قال لأنهم لا يجمعون إلا على قوي في اللغة مروي عندهم، وهي قراءة فصيحة إذ يقال قَنَط يقنَط يقنِط مثل نَقَم ونقِم، وقرأ الأعمش هنا " يقنِط " بكسر النون، وقرأ ﴿ من بعد ما قنطوا ﴾ [ الشورى : ٢٨ ] بكسر النون أيضاً، فقرأ باللغتين، وقرأ الأشهب " يقنُط " بضم النون وهي قراءة الحسن والأعمش أيضاً وهي لغة تميم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon