وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّ المتقين ﴾
من اتباعه في الكفر والفواحش فإن غيرها مكفر ﴿ فِى جنات وَعُيُونٍ ﴾ أي مستقرون فيها خالدين، لكل واحد منهم جنةٌ وعينٌ، أو لكل منهم عدةٌ منهما كقوله تعالى :﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ ﴾ وقرىء بكسر العين حيث وقع في القرآن العظيم.
﴿ ادخلوها ﴾ على إرادة القول أمراً من الله تعالى لهم بالدخول، وقرىء أدخِلوها أمراً منه تعالى للملائكة بإدخالهم، وقرأ الحسن : أُدخِلوها مبنياً للمفعول على صيغة الماضي من الإدخال ﴿ بِسَلامٍ ﴾ ملتبسين بسلام أي سالمين أو مسلَّماً عليكم ﴿ ءامِنِينَ ﴾ من الآفات والزوال.
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ ﴾ أي حقدٍ كان في الدنيا، وعن علي رضي الله تعالى عنه : أرجو أن أكونَ أنا وعثمانُ وطلحةُ والزبيرُ منهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ﴿ إِخْوَانًا ﴾ حال من الضمير في قوله تعالى :﴿ فِي جنات ﴾، أو من فاعل ادخلوها، أو من الضمير في آمنين، أو الضمير المضاف إليه والعامل فيه معنى الإضافةِ، وكذلك قوله تعالى :﴿ على سُرُرٍ متقابلين ﴾ ويجوز كونُهما صفتين لإخواناً أو حالين من ضميره، لأنه بمعنى متصافِّين، وكونُ الثاني حالاً من المستكنّ في الأول. وعن مجاهد : تدور بهم الأسرّةُ حيثما داروا فهم متقابلون في جميع أحوالهم.
﴿ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ﴾ أي تعب بألا يكونَ لهم فيها ما يوجبه من الكدّ في تحصيل ما لا بُدّ لهم منه، لحصول كل ما يريدونه من غير مزاولةِ عملٍ أصلاً، أو بأن لا يعتريَهم ذلك وإن باشروا الحركاتِ العنيفة لكمال قوتِهم، وهو استئنافٌ أو حالٌ بعد حال من الضمير في متقابلين ﴿ وَمَا هُمْ مّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ أبدَ الآباد لأن تمام النعمة بالخلود. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٥ صـ ﴾