وقال ابن عطية :
﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ ﴾
و﴿ أصحاب الحجر ﴾ هم ثمود، وقد تقدم قصصهم، و﴿ الحجر ﴾ مدينتهم، وهي ما بين المدينة وتبوك، وقال ﴿ المرسلين ﴾ من حيث يجب بتكذيب رسول واحد تكذيب الجميع، إذ القول في المعتقدات واحد للرسل أجمع، فهذه العبارة أشنع على المكذبين، و" الآية " التي آتاهم الله في الناقة وما اشتملت عليه من خرق العادة حسبما تقدم تفسيره وبسطه، وقرأ أبو حيوة " وآتيناهم آيتنا " مفردة، وقوله تعالى :﴿ وكانوا ينحتون ﴾ الآية، يصف قوم صالح بشدة النظر للدنيا والتكسب منها فذكر من ذلك مثالاً أن بيوتهم كانوا ينحتونها من حجر الجبال، و" النحت " النقر بالمعاول ونحوها في الحجارة والعود ونحوه، وقرأ جمهور الناس " ينحِتون " بكسر الحاء، وقرأ الحسن " ينحَتون " بفتحها، وذلك لأجل حرف الحلق، وهي قراءة أبي حيوة، وقوله ﴿ آمنين ﴾ قيل معناه من انهدامها، وقيل من حوادث الدنيا، وقيل من الموت لاغترارهم بطول الأعمال.
قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف، وأصح ما يظهر في ذلك أنهم كانوا يأمنون عواقب الآخرة. فكانوا لا يعملون بحسبها، بل كانوا يعملون بحسب الأمن منها، ومعنى ﴿ مصبحين ﴾ أي عند دخولهم في الصباح، وذكر أن ذلك كان يوم سبت، وقد تقدم قصص عذابهم وميعادهم وتغير ألوانهم، ولم تغن عنهم شدة نظرهم للدنيا وتكسبهم شيئاً، ولا دفع عذاب الله، و﴿ ما ﴾ الأولى تحتمل النفي وتحتمل التقرير، والثانية مصدرية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾