والقول الثالث : في تفسير السبع المثاني إنها هي السور التي هي دون الطوال والمئين وفوق المفصل، واختار هذا القول قوم واحتجوا عليه بما روى ثوبان أن رسول الله ﷺ قال :" إن الله أعطاني السبع الطوال مكان التوراة، وأعطاني المئين مكان الإنجيل، وأعطاني المثاني مكان الزبور، وفضلني ربي بالمفصل " قال الواحدي : والقول في تسمية هذه السور مثاني كالقول في تسمية الطوال مثاني.
وأقول إن صح هذا التفسير عن رسول الله ﷺ فلا غبار عليه وإن لم يصح فهذا القول مشكل، لأنا بينا أن المسمى بالسبع المثاني يجب أن يكون أفضل من سائر السور، وأجمعوا على أن هذه السور التي سموها بالمثاني ليست أفضل من غيرها، فيمتنع حمل السبع المثاني على تلك السور.
والقول الرابع : أن السبع المثاني هوالقرآن كله، وهو منقول عن ابن عباس في بعض الروايات، وقول طاوس قالوا : ودليل هذا القول قوله تعالى :﴿كتاباً متشابهاً مثاني﴾ [ الزمر ٢٣ ] فوصف كل القرآن بكون مثاني ثم اختلف القائلون بهذا القول في أنه ما المراد بالسبع، وما المراد بالمثاني ؟ أما السبع فذكر فيه وجوهاً : أحدها : أن القرآن سبعة أسباع.
وثانيها : أن القرآن مشتمل على سبعة أنواع من العلوم.
التوحيد، والنبوة والمعاد، والقضاء، والقدر، وأحوال العالم، والقصص، والتكاليف.
وثالثها : أنه مشتمل على الأمر والنهي، والخبر والاستخبار، والنداء، والقسم، والأمثال.
وأما وصف كل القرآن بالمثاني، فلأنه كرر فيه دلائل التوحيد والنبوة والتكاليف، وهذا القول ضعيف أيضاً، لأنه لو كان المراد بالسبع المثاني القرآن، لكان قوله :﴿والقرآن العظيم﴾ عطفاً على نفسه، وذلك غير جائز
وأجيب عنه بأنه إنما حسن إدخال حرف العطف فيه لاختلاف اللفظين كقول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام.. وليث الكتيبة في المزدحم


الصفحة التالية
Icon