وقال ابن عطية :
ثم أعلمه الله تعالى بأنه قد كفاه ﴿ المستهزئين ﴾ من كفار مكة ببوائق إصابتهم من الله تعالى لم يسع فيها محمد ولا تكلف فيها مشقة، وقال عروة بن الزبير وسعيد بن جبير :" المستهزئون " خمسة نفر : الوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل، والأسود بن المطلب أبو زمعة، والأسود بن عبد يغوث، ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة، وهو ابن غيطلة، وهو ابن قيس، قال أبو بكر الهذلي : قلت للزهري : إن ابن جبير وعكرمة اختلفا في رجل من المستهزئين، فقال ابن جبير هو الحارث بن غيطلة، وقال عكرمة هو الحارث بن قيس، فقال الزهري صدقا أمه غيطلة وأبوه قيس وذكر الشعبي في ﴿ المستهزئين ﴾ هبار بن الأسود، وذلك وهم لأن هباراً أسلم يوم الفتح ورحل إلى المدينة، وذكر الطبري عن ابن عباس : أن ﴿ المستهزئين ﴾ كانوا ثمانية كلهم مات قبل بدر، وروي أن رسول الله ﷺ كان في المسجد، فأتاه جبريل فجاز الوليد فأومأ جبريل بأصبعه إلى ساقه، وقال للنبي عليه السلام : كفيت ثم جاز العاصي، فأومأ إلى أخمصه، وقال : كفيت، ثم مر أبو زمعة فأومأ إلى عينه، ثم مر الأسود بن عبد يغوث، فأومأ إلى أخمصه، وقال : كفيت، ثم مر أبو زمعة فأومأ إلى عينه، ثم مر الأسود بن عبد يغوث، فأومأ إلى رأسه، وقال كفيت، ثم مر الحارث، فأومأ إلى بطنه، وقال : كفيت، وكان الوليد قد مر بقين في خزاعة فتعلق سهم من نبله بإزاره، فخدش ساقه، ثم برىء فانتقض به ذلك الخدش بعد إشارة جبريل، فقتله، وقيل إن السهم قطع أكحله، قاله قتادة ومقسم، وركب العاصي بغلة في حاجة فلما جاء ينزل وضع أخمصه على شبرقه فورمت قدمه فمات، وعمي أبو زمعة، وكان يقول : دعا علي محمد بالعمى فاستجيب له، ودعوت عليه بأن يكون طريداً شريداَ فاستجيب لي، وتمخض رأس الأسود بن عبد يغوث قيحاً فمات، وامتلأ بطن الحارث ماء فمات حبناً.