قال ابن زيد : هم قوم صالح تقاسموا لنبيتنه وأهله، فرمتهم الملائكة بالحجارة حتى قتلوهم، فعلى هذا والاقتسام من القسم لا من القسمة، وهو اختيار ابن قتيبة.
البحث الثالث : أن قوله :﴿كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى المقتسمين﴾ يقتضي تشبيه شيء بذلك فما ذلك الشيء ؟
والجواب عنه من وجهين :
الوجه الأول : التقدير : ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم كما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين، حيث قالوا بعنادهم وجهلهم بعضه حق موافق للتوارة والإنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما فاقتسموه إلى حق وباطل.
فإن قيل : فعلى هذا القول كيف توسط بين المشبه والمشبه به قوله :﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ [ الحجر : ٨٨ ] إلى آخره ؟
قلنا : لما كان ذلك تسلية لرسول الله ﷺ عن تكذيبهم وعداوتهم، اعترض بما هو مدار لمعنى التسلية من النهي عن الالتفات إلى دنياهم والتأسف على كفرهم.
والوجه الثاني : أن يتعلق هذا الكلام بقوله :﴿وَقُلْ إِنّى أَنَا النذير المبين ﴾.
واعلم أن هذا الوجه لا يتم إلا بأحد أمرين : إما التزام إضمار أو التزام حذف، أما الإضمار فهو أن يكون التقدير إني أنا النذير المبين عذاباً كما أنزلناه على المقتسمين، وعلى هذا الوجه، المفعول محذوف وهو المشبه، ودل عليه المشبه به، وهذا كما تقول : رأيت كالقمر في الحسن، أي رأيت إنساناً كالقمر في الحسن، وأما الحذف فهو أن يقال : الكاف زائدة محذوفة، والتقدير : إني أنا النذير المبين ما أنزلناه على المقتسمين، وزيادة الكاف له نظير وهو قوله تعالى :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء﴾ [ الشورى : ١١ ] والتقدير : ليس مثله شيء، وقال بعضهم : لا حاجة إلى الإضمار والحذف، والتقدير : إني أنا النذير أي أنذر قريشاً مثل ما أنزلنا من العذاب على المقتسمين وقوله :﴿الذين جَعَلُواْ القرءان عِضِينَ﴾ فيه بحثان :