وسيأتي معنى هذه اللفظة ﴿فوربك﴾ أي فتسبب عن فعلهم هذا أنا نقسم بالموجد لك، المدبر لأمرك، المحسن إليك بإرسالك ﴿لنسئلنهم أجمعين﴾ أي هؤلاء وأولئك ﴿عما كانوا﴾ أي كوناً هو جبلة لهم ﴿يعملون﴾ أي من تعضية القرآن وغيرها لأنا نسأل كلاًّ عما صنع ﴿فاصدع﴾ أي اجهر بعلو وشدة، فارقاً بين الحق والباطل بسبب ذلك ﴿بما تؤمر﴾ به من القرآن وكتاب مبين ﴿وأعرض﴾ أي إعراض من لا يبالي ﴿عن المشركين﴾ بالصفح الجميل عن الأذى والاجتهاد في الدعاء، ويؤيد أن قوله ﴿كما﴾ راجع إلى قصة صالح ومتعلق بها - وإن لم أر من سبقني إليه - ذكرُ الوصف الذي به تناسبت الآيتان وهو الاقتسام، ثم وصف المقتسمين بالذين جعلوا القرآن عضين، لئلا يظن أنهم الذين تقاسموا في بيات صالح، أي أتينا أولئك الآيات المقتضية للإيمان فما كان منهم إلا التكذيب والتقاسم كما أنزلنا على هؤلاء الآيات فما كان منهم إلا ذلك، وإنما عبر في أولئك ب ﴿ءاتيناهم﴾ لأن آياتهم الناقة وولدها والبئر، وهي معطاة محسوسة، لا منزلة معقولة، وقال في هؤلاء أنزلنا إشارة إلى القرآن الذين هو أعظم الآيات، أو إلى الجميع وغلب عليها القرآن لأنه أعظمها، وإلى أنهم مبطلون في جحدهم وأنه لا ينبغي لهم أن يتداخلهم نوع شك في أنه منزل لأنه أعظم من تلك الآيات مع كونها محسوسات، وأما اعتراض ما بينهما من الآيات فمن أعظم أفانين البلاغة، فإنه لما أتم قصة صالح عليه السلام، علم أنه المتعنتين ربما قالوا : لأيّ شيء يخلقهم ثم يهلكهم مع علمه بعدم إجابتهم؟ فرد عليهم بأنه ما خلق ﴿السماوات والأرض وما بينهما﴾ من هؤلاء المعاندين ومن أفعالهم وعذابهم وغير ذلك ﴿إلا بالحق وأن الساعة لآتية﴾ فيعلم ذلك كله بالعيان من يشك فيه الآن، وذلك حين يكشف الغطاء عن البصائر والأبصار فاصفح عنهم، فإنه لا بد من الأخذ لك بحقك، إن لم يكن في الدنيا ففي يوم الجمع، ثم أكد التصرف بالحكمة بقوله {إن ربك هو الخلاّق