"أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ" فكيف يكون الميت إلها، ومن شأن الإله أن يكون حيا يحي ويميت مجيبا لمن دعاه "وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" ٢١ للحساب والجزاء والعقاب وفي هذه الآية دلالة على أن اللّه تعالى يبعثها يوم القيامة بخلاف سائر الجمادات، والحكمة من بعثها تكذيب عابديها وتبرؤها منهم إذ يجعلها القدير صالحة للكلام إظهارا لبطلان زعمهم فيها من الشفاعة لهم والتقرب إلى اللّه بعبادتهم.
فيا بني آدم "إِلهُكُمْ" الذي يستحق العبادة ويفعل الخير والشر "إِلهٌ واحِدٌ" هو اللّه لا إله غيره الذي تجدونه غدا في الآخرة ينعم الطائع بالجنة ويعذّب العاصي بالنار "فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ" هذا الإله العظيم جاحدة وحدانيته "وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ" ٢٢ عن عبادته خاضعون لعبادة الأوثان مائلون لحبها.
مطلب لا جرم ولفظها وإعرابها وقدم لسان العرب وتبلبل الألسن وذم الكبر :
"لا جَرَمَ" قال البصريون إن لا من لا جرم ردّ لكلام سابق مثل قوله تعالى (لا أُقْسِمُ) وهو هنا إنكار قلوبهم التوحيد واستكبارهم عنه، وجرم فعل ماض بمعنى ثبت وحق ووجب وعلى هذا قوله :
ولقد طعنت أبا عبيدة طعنة جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
وان مع ما في حيّزها فاعلة أي ثبت وحق علم اللّه تعالى بسرهم وعلانيتهم وعدم محبته للمستكبرين المشار إليهم في قوله "أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ"