"جَنَّاتُ عَدْنٍ" لهم "يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ" لتمام النعمة وبهجة النظر "لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ" فيها من كل ما تشتهيه أنفسهم وتلذ أعينهم "كَذلِكَ" مثل هذا الجزاء الحسن "يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ" ٣١ في الآخرة الدائمة وهؤلاء المتقون هم "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ" طاهرين، وهذا بمقابلة (ظالمي أنفسهم) في بيان فريق أهل النار في الآية الأولى "يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ" وبمقابلة قول ملائكة العذاب للكافرين (أدخلوا أبواب جهنم) تقول ملائكة الرحمة "ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" ٣٢ في دنياكم.
واعلم أن ما جاء في هذه الآية وفي قوله تعالى (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها) الآية ٧٣ من سورة الزخرف المارة ونظيرتها الآية ٤٣ من سورة الأعراف في ج ١ والآية ١٩ من سورة الطور والآية ٢٤ من سورة الحاقة الآتيتين يدل على أن الجنة تكون للشخص بمقابل عمله الحسن.
مطلب التوفيق بين الآيات والحديث بسبب الأعمال وفي آيات الصفات :
وهذه الآيات لا تتنافى مع قوله صلّى اللّه عليه وسلم : لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا ولا أنت يا رسول اللّه ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه بفضله ورحمته، لأن معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال، أما التوفيق للإخلاص فيها وقبولها فيكون برحمة اللّه وفضله ليس إلا، وعليه فيصح أن يقال لم ندخل الجنة بمجرد العمل، وهذا هو مراده صلّى اللّه عليه وسلم وهو على حد قول العبد لسيده تفضلتم علي يا سيدي بما لم أكن أهله، فيقول له السيد بل بحسن خدمتك وأدبك.


الصفحة التالية
Icon