ذو الرأي والرشد يعلم مرادهم ويحثهم على سلوك الطريق السوي "وَهُوَ" في ذاته ينفع العام والخاص و"عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" ٧٦ في أقواله وأفعاله وأحواله لا يوجهه لأمر إلا وقد أنهاه بحنكة وحكمة دون أن تزوده بالوصية، وفي مثله يقال أرسل حكيما ولا توصه، فهل يستويان هذا وذاك ؟ كلا، وهذا مثل آخر ضربه اللّه تعالى لنفسه المقدسة ولما يقيض به على عباده من النعم وللأصنام التي هي جماد لا تنطق ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع مع ثقلها على عابديها لاحتياجها للخدمة والحفظ من التعدي "وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" وحده خاص به علم ما يقع ممن فيهما لا يعلمه أحد من خلقه ويعلم زمن انتهائهما، لا علم لأحد بذلك غيره، "وَما أَمْرُ السَّاعَةِ" التي يقوم بها الناس من قبورهم ويساقون فيها إلى المحشر "إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ" قدر انفتاح الجفن أو طبقه "أَوْ هُوَ أَقْرَبُ" من ذلك لأن التمثيل بلمح البصر بالنسبة للبشر إذ لا يرون أقل منه حتى يمثوا به، أما عند اللّه فهو أقل لأن لمح البصر يحتاج إلى حركة، والحركة لا بدّ أن تأخذ شيئا من الزمن، وأمر اللّه لا يحتاج لذلك، لأنه إذا قال لشيء كن كان بين الكاف والنون، تأمل كيفية إحضار عرش بلقيس في الآية ٤٠ من سورة النمل في ج ١، و(أو) هنا مثلها في قوله تعالى (أَوْ يَزِيدُونَ) في الآية ١٤٧ من الصافات المارة جريا على
عادة الناس، ولذلك قال (كلمح بالبصر) ولو كان يوجد لفظ يدل على أدنى من ذلك متعارف بينهم للسرعة لقاله، ومثل هذا مثل (أف) الواردة في الآية ٢٣ من الإسراء في ج ١، فلو كان يوجد لفظ متعارف يدل على أدنى منه في مراتب الضجر لذكره "إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ٧٧ في كل ما يتصور وهو قادر على إقامة الساعة حالا، ثم صرب مثلا على قدرته فقال