و لا تكرار في هذه الآية، لأن الأولى تتضمن أنها سجيته عليه السلام، وهذه يأمر اللّه بها حبيبه محمدا بأن يسلك طريقة جده إبراهيم، وفيها ردّ صريح على العرب وغيرهم الحاضرين والسالفين القائلين إنه كان مشركا، لأنها جاءت نافية عنه مادة الشرك منذ نشأته كما أنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا كما زعم اليهود والنصارى، راجع الآية ٦٧ من آل عمران ج ٣، ولذلك كان صلّى اللّه عليه وسلم يتعبد على شريعته ويتدين بدينه الذي ألهمه اللّه إياه إلى أن كمل اللّه له شريعته الناسخة لكل الشرائع والموافقة لكل عنصر وعصر إلى آخر الدوران ليقتدي بها وبأمر أمته باتباعها، قال تعالى "إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ" فرض ووجب احترامه وعدم العمل به كسائر الأيام "عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ" مع نبيهم وهم اليهود لأن موسى عليه السلام أمرهم بتعظيم يوم الجمعه وأن يتفرغوا في كل أسبوع يوما للعبادة فيه، فأبوا إلا السبت محتجين بأنه اليوم الذي فرغ اللّه به من الخلق، وهذا الاختلاف لم يقل به بعضهم دون بعض منهم من أراده، ومنهم من أباه، كلا، بل أنهم كلهم اتفقوا عليه خلافا لنبيهم الذي وافقهم على رغبتهم، لأن الخلاف كان بينهم وبينه، وكذلك عيسى عليه السلام أمرهم بتعظيم يوم الجمعة فأبوا إلا الأحد محتجين بأنه اليوم الذي بدأ فيه الخلق، وهذا الاختلاف من سعادة أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم، إذ تفضل اللّه عليها به فقبلته ولم تختلف على نبيها فيه.
مطلب يوم الجمعة والآيات المدنيات وكيفية الإرشاد والنصح والمجادلة وما يتعلق فيهما :
وسبب تعظيمه أن اللّه تعالى خلق آدم فيه، وتاب عليه فيه.


الصفحة التالية
Icon