فصل


قال الفخر :
﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) ﴾
سورة النحل
مكية غير ثلاث آيات في أخرها
وحكى الأصم عن بعضهم أن كلها مدنية، وقال آخرون : من أولها إلى قوله :﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ مدني وما سواه فمكي، وعن قتادة بالعكس.
واعلم أن هذه السورة تسمى سورة النعم وهي مائة وعشرون وثمان آيات مكية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سبحانه وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لآ إله إِلآ أَنَاْ فاتقون ﴾.
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أن معرفة تفسير هذه الآية مرتبة على سؤالات ثلاثة :
فالسؤال الأول : أن رسول الله ﷺ كان يخوفهم بعذاب الدنيا تارة وهو القتل والاستيلاء عليهم كما حصل في يوم بدر، وتارة بعذاب يوم القيامة، وهو الذي يحصل عند قيام الساعة، ثم إن القوم لما لم يشاهدوا شيئاً من ذلك احتجوا بذلك على تكذيبه وطلبوا منه الإتيان بذلك العذاب وقالوا له ائتنا به.
وروي أنه لما نزل قوله تعالى :﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾ [ القمر : ١ ] قال الكفار فيما بينهم إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما تعملون حتى ننظر ما هو كائن، فلما تأخرت قالوا ما نرى شيئاً مما تخوفنا به، فنزل قوله :﴿اقترب لِلنَّاسِ حسابهم﴾ [ الأنبياء : ١ ] فأشفقوا وانتظروا يومها فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به فنزل قوله :﴿أتى أَمْرُ الله﴾ فوثب رسول الله ﷺ ورفع الناس رؤوسهم فنزل قوله :﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ والحاصل أنه عليه السلام لما أكثر من تهديدهم بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة ولم يروا شيئاً نسبوه إلى الكذب.


الصفحة التالية
Icon