فصل
قال الفخر :
والمنفعة الثانية : قوله :﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بالغيه إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
الأثقال جمع ثقل وهو متاع المسافر لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس.
قال ابن عباس : يريد من مكة إلى المدينة.
أو إلى اليمن.
أو إلى الشام.
أو إلى مصر.
قال الواحدي : هذا قوله والمراد كل بلد لو تكلفتم بلوغه على غير إبل لشق عليكم وخص ابن عباس هذه البلاد، لأن متاجر أهل مكة كانت إلى هذه البلاد، وقرىء :﴿بِشِقِّ الأنفس﴾ بكسر الشين وفتحها، وأكثر القراء على كسر الشين.
والشق المشقة والشق نصف الشيء، وحمل اللفظ ههنا على كلا المعنيين جائز، فإن حملناه على المشقة كان المعنى : لم تكونوا بالغيه إلا بالمشقة، وإن حملناه على نصف الشيء كان المعنى : لم تكونوا بالغيه إلا عند ذهاب النصف من قوتكم أو من بدنكم ويرجع عند التحقيق إلى المشقة.
ومن الناس من قال : المراد من قوله :﴿والأنعام خَلَقَهَا﴾ الإبل فقط بدليل أنه وصفها في آخر الآية بقوله ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بالغيه﴾ وهذا الوصف لا يليق إلا بالإبل.
قلنا : المقصود من هذه الآيات تعديد منافع الأنعام فبعض تلك المنافع حاصلة في الكل وبعضها مختص بالبعض، والدليل عليه : أن قوله :﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾ حاصل في البقر والغنم مثل حصوله في الإبل، والله أعلم.
المسألة الثانية :