وقال ابن عطية :
قوله ﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾ الآية،
هذا أيضاً من أجل نعم الله تعالى، أي على الله تقويم طريق الهدى وتبيينه، وذلك نصب الأدلة وبعث الرسل وإلى هذا ذهب المتأولون، ويحتمل أن يكون المعنى أن مرسلك السبيل القاصد فعلى الله ورحمته وتنعيمه طريقه وإلى ذلك مصيره، فيكون هذا مثل قوله تعالى
﴿ هذا صراط علي مستقيم ﴾ [ الحجر : ٤١ ] وضد قول النبي ﷺ " والشر ليس إليك " أي لا يفضي إلى رحمتك، وطريق قاصد معناه بين مستقيم، ومنه قول الآخر :
فصد عن نهج الطريق القاصد... والألف واللام في ﴿ السبيل ﴾ للعهد، وهي سبيل الشرع، وليست للجنس، ولو كانت للجنس لم يكن فيها جائر، وقوله ﴿ ومنها جائر ﴾ يريد طريق اليهود والنصارى وغيرهم كعبدة الأصنام، والضمير في ﴿ منها ﴾ يعود على ﴿ السبيل ﴾ التي تضمنها معنى الآية، كأنه قال : ومن السبيل جائر، فأعاد عليها وإن كان لم يجر له ذكر لتضمن لفظة ﴿ السبيل ﴾ بالمعنى لها، ويحتمل أن يعود الضمير في ﴿ منها ﴾ على سبيل الشرع المذكورة وتكون " من " للتبعيض ويكون المراد فرق الضلالة من أمة محمد ﷺ، كأنه قال ومن بنيات الطرف في هذه السبيل ومن شعبها جائر، وقوله ﴿ ولو شاء لهداكم أجمعين ﴾ معناه لخلق الهداية في قلوب جميعكم ولم يضل أحد، وقال الزجاج معناه لو شاء لعرض عليكم آية تضطركم إلى الإيمان والاهتداء.
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول سوء لأهل البدع الذين يرون أن الله لا يخلق أفعال العباد لم يحصله الزجاج، ووقع فيه رحمه الله عن غير قصد، وفي مصحف عبد الله بن مسعود " ومنكم جائر "، وقرأ علي بن أبي طالب " فعنكم جائر "، و﴿ السبيل ﴾ تذكر وتؤنث.
﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) ﴾


الصفحة التالية
Icon