وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وعلى الله قَصْدُ السبيل ﴾
أي على الله بيان قصد السبيل، فحذف المضاف وهو البيان.
والسبيل : الإسلام، أي على الله بيانه بالرسل والحجج والبراهين.
وقصد السبيل : استقامة الطريق ؛ يقال : طريق قاصد أي يؤدّي إلى المطلوب.
﴿ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ﴾ أي ومن السبيل جائر ؛ أي عادل عن الحق فلا يهتدى به ؛ ومنه قول امرىء القيس :
ومن الطريقة جائر وهُدًى...
قصد السبيل ومنه ذو دخل
وقال طَرَفة :
عَدَوْلِيّةٌ أو من سَفِين ابن يامِنٍ...
يَجُور بها الملاّح طوْراً ويَهتدِي
العَدَوْلِيّة سفينة منسوبة إلى عَدَوْلَي قرية بالبحرين.
والعَدَوْلِيّ : المَلاّح ؛ قاله في الصحاح.
وفي التنزيل ﴿ وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل ﴾ [ الأنعام : ١٥٣ ] وقد تقدّم.
وقيل : المعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق، أي عادل عنه فلا يهتدي إليه.
وفيهم قولان : أحدهما أنهم أهل الأهواء المختلفة ؛ قاله ابن عباس.
الثاني ملل الكفر من اليهودية والمجوسية والنصرانية.
وفي مصحف عبد الله "ومِنكم جائر" وكذا قرأ عليّ "ومنكم" بالكاف.
وقيل : المعنى وعنها جائر ؛ أي عن السبيل.
ف "مِن" بمعنى عن.
وقال ابن عباس : أي من أراد الله أن يهديه سهّل له طريق الإيمان، ومن أراد أن يضله ثقل عليه الإيمان وفروعه.
وقيل : معنى "قَصْد السبيل" مسيركم ورجوعكم.
والسبيل واحدة بمعنى الجمع، ولذلك أنث الكناية فقال :"ومنها" والسبيل مؤنثة في لغة أهل الحجاز.
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ بيّن أن المشيئة لله تعالى، وهو يصحح ما ذهب إليه ابن عباس في تأويل الآية، ويردّ على القَدَرية ومن وافقها كما تقدّم.
﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) ﴾
الشراب ما يُشرب، والشجر معروف.
أي ينبت من الأمطار أشجاراً وعروشاً ونباتاً.


الصفحة التالية
Icon