قال القاضي أبو محمد : وهذا قول حسن، فكأن اللفظة على جهة التشبيه بالمقايسة إلى الأوامر التي هي في الأفعال والعبادات كالروح للجسد، ألا ترى قوله ﴿ أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً ﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ].
قال القاضي أبو محمد : و﴿ من ﴾ في هذه الآية على هذا التأويل الذي قدرنا للتبعيض، وعلى سائر الأقوال لبيان الجنس، و﴿ من ﴾ في قوله ﴿ من يشاء ﴾ هي للأنبياء، و﴿ أن ﴾ في موضع خفض بدل من ﴿ الروح ﴾، ويصح أن تكون في موضع نصب بإسقاط الخافض على تقدير بأن أنذروا، ويحتمل أن تكون مفسرة بمعنى أي، وقرأ الأعمش " لينذروا أنه "، وحسنت النذارة هنا وإن لم يكن في اللفظ ما فيه خوف من حيث كان المنذرون كافرين بالألوهية، ففي ضمن أمرهم مكان خوف، وفي ضمن الإخبار بالوحدانية نهي عما كانوا عليه ووعيد، ثم ذكر تعالى ما يقال للأنبياء بالوحي على المعنى، ولم يذكره على لفظه لأنه لو ذكره على اللفظ لقال " أن أنذروا أنه لا إله إلا الله "، ولكنه إنما ذكر ذلك على معناه، وهذا سائغ في الأقوال إذا حكيت أن تحكى على لفظها، أو تحكى بالمعنى فقط، وقوله تعالى :﴿ خلق السماوات والأرض ﴾ الآية، آية تنبيه على قدرة الله تعالى بالحق أي بالواجب اللائق، وذلك أنها تدل على صفات يحق لمن كانت له أن يخلق ويخترع ويعيد، وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة النافذة بخلاف شركائهم الذين لا يحق لهم شيء من صفات الربوبية، وقرأ الأعمش بزيادة فاء " فتعالى ". أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾