وقرىء برفع الشمسَ والقمرَ أيضاً، وقرىء بنصب النجوم على أنه مفعولٌ أولٌ لفعل مقدر ينبىء عنه الفعلُ المذكور، ومسخراتٌ حالٌ من الكل والعامل ما في ( سخّر ) من معنى نفعَ أي نفعكم بها حالَ كونها مسخراتٍ لله الذي خلقها ودبرها كيف شاء، أو لما خُلقن له بإيجاده وتقديرِه أو لحكمه، أو مصدرٌ ميميّ جُمع لاختلاف الأنواعِ أي أنواعاً من التسخير، وما قيل من أن فيه إيذاناً بالجواب عما عسى يقال أن المؤثرَ في تكوين النباتِ حركاتُ الكواكب وأوضاعُها بأن ذلك إنْ سَلِم فلا ريب في أنها أيضاً أمورٌ ممكنةُ الذات والصفات، واقعةٌ على بعض الوجوه الممْكِنة فلا بد لها من موجد مخصّصٍ مختار واجبِ الوجود دفعاً للدَّوْر والتسَلْسُل، فمبناه حسبانُ ما ذُكر أدلةً على وجود الصانع تعالى وقدرته واختيارِه، وأنت تدري أنْ ليس الأمرُ كذلك فإنه ليس مما ينازَع فيه الخصمُ ولا يتلعثم في قبوله، قال تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ ﴾ وقال تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ السماء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله ﴾ الآية، وإنما ذلك أدلةُ التوحيد من حيث إن مَنْ هذا شأنُه لا يتوهم أن يشاركه شيءٌ في شيء فضلاً عن أن يشاركه الجمادُ في الألوهية.


الصفحة التالية
Icon