ومن الناس من قال في ذلك : إن المراد بتسخير الليل والنهار لهم نفعنم بهما من حيث أنهما وقتا سعي في المصالح واستراحة ومن حيث ظهور ما يترتب عليه منافعهم مما نيط به صلاح المكونات التي من جملتها ما فصل وأجمل مثلاً كالشمس والقمر فيهما، ويؤل ذلك بالآخرة إلى النفع بذلك وهو معنى تسخيره لهم، فيكون تسخير الليل والنهار لهم متضمناً لتسخير ذلك لهم فحيث أفاده الكلام أولاً استغنى عن التصريح به ثانياً وصرح بما هو أعظم شأناً منه وهو أن تلك الأمور لم تزل ولا تزال مقهورة تحت قدرته منقادة لإرادته ومشيئته سواء كنتم أو لم تكونوا فليتدبر، وقرأ الجمهور ﴿ والنجوم والجبال مسخرات ﴾ بالنصب فيهما، وكذا فيما تقدم، وخرج ذلك على أن ﴿ النجوم ﴾ مفعول أول لفعل محذوف ينبىء عنه الفعل المذكور و﴿ مسخرات ﴾ مفعول ثان له، أي وجعل النجوم مسخرات، وجوز جعل جعل بمعنى خلق المتعدي لمفعول واحد فمسخرات حال، واستظهر أبو حيان كون ﴿ النجوم ﴾ معطوفاً على ما قبله بلا إضمار و﴿ مسخرات ﴾ حينئذٍ قيل حال من الجميع على أن التسخير مجاز عن النفع أي أنفعكم بها حال كونها مسخرات لما خلقت له مما هو طريق لنفعكم وإلا فالحمل على الظاهر دال على أن التسخير في حال التسخير بأمره ولا كذلك لتأخر الأول، وقيل : لذلك أيضاً : إن المراد مستمرة على التسخير بأمره الإيجادي لأن الإحداث لا يدل على الاستمرار، وجوز بعض أجلة المعاصرين أن يكون حالاً موكدة بتقدير ﴿ بِأَمْرِهِ ﴾ متعلقاً ﴿ بسخر ﴾ والكلام من باب التنازع، وقبوله مفوض إليك، وقيل : هو مصدر ميمي كمسرح منصوب على أنه مفعول مطلق لسخر المذكور أولاً وسخرها مسخرات على منوال ضربته ضربات، وجمع إشارة إلى اختلاف الأنواع، وفي إفادة تسخير ما ذكر إيذان بالجواب عما عسى يقال : إن المؤثر في تكوين النبات حركات الكواكب وأوضاعها فإن ذلك أن سلم فلا ريب في أنها ممكنة الذات والصفا واقعة على بعض الوجوه مع احتمال