﴿ وَمَا ذَرَأَ ﴾ أي خلق ومنه الذرية على قول والعطف عند بعض على ﴿ النجوم ﴾ [ النحل : ١٢ ] رفعاً ونصباً على أنه مفعول لجعل و﴿ مَا ﴾ موصولة أي والذي ذرأه ﴿ لَكُمْ فِى الأرض ﴾ من حيوان ونبات، وقيل : من المعادن ولا بأس في التعميم فيما أرى حال كونه ﴿ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ﴾ أي أصنافه كما قال جمع من المفسرين وهو مجاز معروف في ذلك، قال الراغب : الألوان يعبر بها عن الأجناس والأنواع يقال : فلان أتى بألوان من الحديث والطعام وكان ذلك لما أن اختلافها غالباً يكون باختلاف اللون، وقيل : المراد المعنى الحقيقي أي مختلفاً ألوانه من البياض والسواد وغيرهما والأول أبلغ أي ذلك مسخر لله تعالى أو لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات أو جعل ذلك مختلف الألوان والأصناف لتتمتعوا بأي صنف شئتم منه، وذهب بعضهم إلى أن الموصول معطوف على الليل وقيل عليه : إن في ذلك شبه التكرار بناءً على أن اللام في ﴿ لَكُمْ ﴾ للنفع وقد فسر ﴿ سَخَّرَ لَكُمُ ﴾ [ النحل : ١٢ ] لنفعكم فمآل المعنى نفعكم بما خلق لنفعكم فالأولى جعله في محل نصب بفعل محذوف أي خلق أو أنبت كما قاله أبو البقاء ويجعل ﴿ مُخْتَلِفًا ﴾ حالاً من مفعوله واعتذر بأن الخلق للإنسان لا يستلزم التسخير لزوماً عقلياً، فإن الغرض قد يتخلف مع أن الإعادة لطول العهد لا تنكر.


الصفحة التالية
Icon