" فصل "
قال السيوطى :
سورة النحل
أقول: وجه وضعها بعد سورة الحجر: أن آخرها شديد الالتئام بأول هذه، فإن قوله في آخر تلك: (واعبُد ربَكَ حتى يأَتيكَ اليقين) الذي هو مفسر بالموت، ظاهر المناسبة لقوله هنا: (أَتى أَمرُ اللَه) وانظر كيف جاء في المقدمة بيأتيك اليقين، وفي المتأخرة بلفظ الماضي، لأن المستقبل سابق على الماضي، كما تقرر في المعقول والعربية وظهر لي أن هذه السورة شديدة الاعتلاق بسورة إبراهيم، وإنما تأخرت عنها لمناسبة الحجر، في كونها من ذوات (الر) وذلك: أن سورة إبراهيم وقع فيها ذكر فتنة الميت، ومن هو ميت وغيره، وذلك أيضاً في هذه بقوله: (الذينَ تتوفاهُم الملائكة ظالمي أَنفُسَهُم) فذكر الفتنة، وما يحصل عندها من الثبات والإضلال، وذكر هنا ما يحصل عقب ذلك من النعيم والعذاب ووقع في سورة إبراهيم: (وقَد مَكروا مَكرَهُم وعِندَ اللَهِ مكرُهُم وإِن كانَ مكرُهُم لتزول منه الجبال) وقيل: إنها في الجبار الذي أراد أن يصعد السماء بالنسور ووقع هنا أيضاً في قوله: (وقد مكرَ الذينَ من قبلهم) ووقع في سورة إبراهيم ذكر النعم، وقال عقبها: (وإِن تعُدوا نعمة اللَهِ لا تحصوها) ووقع هنا ذكر معقباً بمثل ذلك. أ هـ ﴿أسرار ترتيب القرآن صـ ١١١ ـ ١١٢﴾


الصفحة التالية
Icon