وقد روي عن ابن عمر أنه سئل عن لحم المَعْز بلحم الكباش أشيء واحد؟ فقال لا ؛ ولا مخالف له فصار كالإجماع، والله أعلم.
ولا حجة للمخالف في نهيه ﷺ عن بيع الطعام إلا مِثْلاً بمثل ؛ فإن الطعام في الإطلاق يتناول الحنطة وغيرها من المأكولات ولا يتناول اللحم ؛ ألا ترى أن القائل إذا قال : أكلت اليوم طعاماً لم يسبِق الفهم منه إلى أكل اللحم، وأيضاً فانه معارَض بقوله ﷺ :" إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " وهذان جنسان، وأيضاً فقد اتفقنا على جواز بيع اللحم بلحم الطير متفاضلاً لعلة أنه بَيْع طعام لا زكاة له بِيع بلحم ليس فيه الزكاة، كذلك بيع السمك بلحم الطير متفاضلاً.
الثانية وأما الجراد فالمشهور عندنا جواز بيع بعضه ببعض متفاضلاً.
وذكر عن سُحْنون أنه يمنع من ذلك، وإليه مال بعض المتأخرين ورآه مما يدّخر.
الثالثة اختلف العلماء فيمن حلف ألا يأكل لحماً ؛ فقال ابن القاسم : يحنَث بكل نوع من هذه الأنواع الأربعة.
وقال أشهب في المجموعة.
لا يحنث إلا بأكل لحوم الأنعام دون الوحش وغيره، مراعاة للعرف والعادة، وتقديماً لها على إطلاق اللفظ اللغويّ، وهو أحسن.
الرابعة قوله تعالى :﴿ وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ يعني به اللؤلؤ والمَرْجان ؛ لقوله تعالى :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ].
وإخراج الحِلية إنما هي فيما عرف من الملح فقط.
ويقال : إن في الزمرذ بحريا.
وقد خُطِّىء الهُذَليّ في قوله في وصف الدرّة :
فجاء بها من دُرّة لَطَمِيّة...
على وجهها ماء الفرات يَدوم
فجعلها من الماء الحلو.
فالحلية حق وهي نِحلة الله تعالى لآدم وولده.
خلق آدم وتُوّج وكُلِّل بإكليل الجنة، وختم بالخاتم الذي ورثه عنه سليمان بن داود صلوات الله عليهم، وكان يقال له خاتم العز فيما روي.


الصفحة التالية
Icon