وقال أبو حيان :
﴿ والله يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ ﴾
وأخبر تعالى أنه يعلم ما يسرون، وضمنه الوعيد لهم، والإخبار بعلمه تعالى.
وفيه التنبيه على نفي هذه الصفة الشريفة عن آلهتهم.
وقرأ الجمهور : بالتاء من فوق في تسرون وتعلنون وتدعون، وهي قراءة : مجاهد، والأعرج، وشيبة، وأبي جعفر، وهبيرة، عن عاصم على معنى : قل لهم.
وقرأ عاصم في مشهوره : يدعون بالياء من تحت، وبالتاء في السابقتين.
وقرأ الأعمش وأصحاب عبد الله : يعلم الذي يبدون وما يكتمون، وتدعون بالتاء من فوق في الثلاثة.
وقرأ طلحة : ما يخفون وما يعلنون، وتدعون بالتاء من فوق، وهاتان القراءتان مخالفتان لسواد المصحف، والمشهور ما روي عن الأعمش وغيره، فوجب حملها على التفسير، لا على أنها قرآن.
ولما أظهر تعالى التباين بين الخالق وغيره، نص على أنّ آلهتهم لا تخلق، وعلى أنها مخلوقة.
وأخبر أنهم أموات.
وأكد ذلك بقوله : غير أحياء، ثم نفى عنهم الشعور الذي يكون للبهائم، فضلاً عن العلم الذي تتصف به العقلاء.
وعبر بالذين وهو للعاقل عومل غيره معاملته، لكونها عبدت واعتقدت فيها الألوهية، وقرأ محمد اليماني : يدعون بضم الياء وفتح العين مبنياً للمفعول، والظاهر أنّ قوله : وهم يخلقون، أي : الله أنشأهم واخترعهم.
وقال الزمخشري : ووجه آخر وهو أن يكون المعنى : أن الناس يخلقونهم بالنحت والتصوير، وهم لا يقدرون على ذلك فهم أعجز من عبدتهم انتهى.
وأموات خبر مبتدأ محذوف أي : هم أموات.
ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر.
والظاهر أن هذه كلها مما حدث به عن الأصنام، ويكون بعثهم إعادتها بعد فنائها.


الصفحة التالية
Icon