قيل : القائل النضر بن الحارث، وأن الآية نزلت فيه، وكان خرج إلى الحِيرة فاشترى أحاديث ( كَلِيلة ودِمْنة ) فكان يقرأ على قريش ويقول : ما يقرأ محمد على أصحابه إلا أساطير الأولين ؛ أي ليس هو من تنزيل ربّنا.
وقيل : إن المؤمنين هم القائلون لهم اختباراً فأجابوا بقولهم :"أساطِير الأوّلِين" فأقرّوا بإنكار شيء هو أساطير الأوّلين.
والأساطير : الأباطيل والتُّرَّهات.
وقد تقدّم في الأنعام.
والقول في "ماذا أنزل ربكم" كالقول في ﴿ مَاذَا يُنْفِقُونَ ﴾ [ البقرة : ٢١٥ ] وقوله :﴿ أَسَاطِيرُ الأولين ﴾ خبر ابتداء محذوف، التقدير : الذي أنزله أساطير الأولين.
قوله تعالى :﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ ﴾
قيل : هي لام كَي، وهي متعلقة بما قبلها.
وقيل : لام العاقبة ؛ كقوله :﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ [ القصص : ٨ ].
أي قولهم في القرآن والنبيّ أدّاهم إلى أن حملوا أوزارهم ؛ أي ذنوبهم.
﴿ كَامِلَةً ﴾ لم يتركوا منها شيئاً لنكبة أصابتهم في الدنيا بكفرهم.
وقيل : هي لام الأمر، والمعنى التهدّد.
﴿ وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ قال مجاهد : يحملون وِزْر من أضلّوه ولا يَنْقُص من إثم المُضَلّ شيء.
وفي الخبر :" أيُّما داعٍ دعا إلى ضلالة فاتُّبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيّما داع دعا إلى هُدًى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء " خرّجه مسلم بمعناه.
و"مِن" للجنس لا للتبعيض ؛ فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم.
وقوله :﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ أي يضلون الخلق جهلاً منهم بما يلزمهم من الآثام ؛ إذ لو علموا لما أضلوا.
﴿ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ أي بئس الوزر الذي يحملونه.


الصفحة التالية
Icon