وعن السدي هو الثريا، والفرقدان، وبنات نعش، والجدي، وقرأ الحسن :﴿وبالنجم﴾ بضمتين وبضمة فسكون، وهو جمع نجم كرهن ورهن والسكون تخفيف.
وقيل : حذف الواو من النجم تخفيفاً.
فإن قيل : قوله :﴿أَن تَمِيدَ بِكُمْ﴾ خطاب الحاضرين وقوله :﴿وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ خطاب للغائبين فما السبب فيه ؟
قلنا : إن قريشاً كانت تكثر أسفارها لطلب المال، ومن كثرت أسفاره كان علمه بالمنافع الحاصلة من الاهتداء بالنجوم أكثر وأتم فقوله :﴿وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ إشارة إلى قريش للسبب الذي ذكرناه، والله أعلم.
واختلف المفسرون فمنهم من قال قوله :﴿وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ مختص بالبحر، لأنه تعالى لما ذكر صفة البحر وما فيه من المنافع بين أن من يسيرون فيه يهتدون بالنجم، ومنهم من قال : بل هو مطلق يدخل فيه السير في البر والبحر وهذا القول أولى، لأنه أعم في كونه نعمة ولأن الاهتداء بالنجم قد يحصل في الوقتين معاً، ومن الفقهاء من يجعل ذلك دليلاً على أن المسافر إذا عميت عليه القبلة فإنه يجب عليه أن يستدل بالنجوم وبالعلامات التي في الأرض، وهي الجبال والرياح، وذلك صحيح، لأنه كما يمكن الاهتداء بهذه العلامات في معرفة الطرق والمسالك فكذلك يمكن الاستدلال بها في معرفة طلب القبلة.
واعلم أن اشتباه القبلة إما أن يكون بعلامات لائحة أو لا يكون، فإن كانت لائحة وجب أن يجب الاجتهاد ويتوجه إلى حيث غلب على الظن أنه هو القبلة، فإن تبين الخطأ وجب الإعادة، لأنه كان مقصراً فيما وجب عليه، وإن لم تظهر العلامات فههنا طريقان :
الطريق الأول : أن يكون مخيراً في الصلاة إلى أي جهة شاء لأن الجهات لما تساوت وامتنع الترجيح لم يبق إلا التخيير.


الصفحة التالية
Icon