المراد بقوله :﴿مَّن لاَّ يَخْلُقُ﴾ الأصنام، وأنها جمادات فلا يليق بها لفظة "من" لأنها لأولي العلم.
وأجيب عنه من وجوه :
الوجه الأول : أن الكفار لما سموها آلهة وعبدوها، لا جرم أجريت مجرى أولي العلم ألا ترى إلى قوله على أثره :﴿والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾.
والوجه الثاني : في الجواب أن السبب فيه المشاكلة بينه وبين من يخلق.
والوجه الثالث : أن يكون المعنى أن من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم فكيف من لا علم عنده كقوله :﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا﴾ يعني أن الآلهة التي تدعونها حالهم منحطة عن حال من لهم أرجل وأيد وآذان وقلوب، لأن هؤلاء أحياء وهم أموات فكيف يصح منهم عبادتها، وليس المراد أنه لو صحت لهم هذه الأعضاء لصح أن يعبدوا.
فإن قيل : قوله :﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ﴾ المقصود منه إلزام عبدة الأوثان، حيث جعلوا غير الخالق مثل الخالق في التسمية بالإله، وفي الاشتغال بعبادتها، فكان حق الإلزام أن يقال : أفمن لا يخلق كمن يخلق.
والجواب : المراد منه أن من يخلق هذه الأشياء العظيمة ويعطي هذه المنافع الجليلة كيف يسوى بينه وبين هذه الجمادات الخسيسة في التسمية باسم الإله، وفي الاشتغال بعبادتها والإقدام على غاية تعظيمها فوقع التعبير عن هذا المعنى بقوله :﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ ﴾.
المسألة الثالثة :