﴿ الذين ﴾ نعت للكافرين في قول أكثر المتأولين، ويحتمل أن يكون ﴿ الذين ﴾ مرتفعاً بالابتداء منقطعاً مما قبله، وخبره في قوله ﴿ فألقوا السلم ﴾ فزيدت الفاء في الخبر، وقد يجيء مثل هذا، و﴿ الملائكة ﴾ يريد القابضين لأرواحهم، وقوله ﴿ ظالمي أنفسهم ﴾ حال، و﴿ السلم ﴾ هنا الاستسلام، أي رموا بأيديهم وقالوا ﴿ ما كنا نعمل من سوء ﴾ فحذف قالوا لدلالة الظاهر عليه، قال الحسن : هي مواطن بمرة يقرون على أنفسهم كما قال ﴿ وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ﴾ [ الأنعام : ١٣ ] ومرة يجحدون كهذه الآية، ويحتمل قولهم :﴿ ما كنا نعمل من سوء ﴾ وجهين، أحدهما أنهم كذبوا وقصدوا الكذب اعتصاماً منهم به، على نحو قولهم ﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾ [ الأنعام : ٢ ]، والآخر أنهم أخبروا عن أنفسهم بذلك على ظنهم أنهم لم يكونوا يعملون سوءاً، فأخبروا عن ظنهم بأنفسهم، وهو كذب في نفسه. و﴿ عليم بما كنتم تعملون ﴾ وعيد وتهديد، وظاهر الآية أنها عامة في جميع الكفار، وإلقاؤهم السلم ضد مشافهتهم قبل، وقال عكرمة : نزلت في قوم من أهل مكة آمنوا بقلوبهم ولم يهاجروا فأخرجهم كفار مكة مكرهين إلى بدر، فقتلوا هنالك فنزلت فيهم هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon