﴿ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ وقال عكرمة : نزلت هذه الآية بالمدينة في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا، فأخرجتهم قريش إلى بدر كرها فقُتِلوا بها ؛ فقال :﴿ الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة ﴾ بقبض أرواحهم.
﴿ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ في مقامهم بمكة وتركهم الهجرة.
﴿ فَأَلْقَوُاْ السلم ﴾ يعني في خروجهم معهم.
وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه الصلح ؛ قاله الأخفش.
الثاني الاستسلام ؛ قاله قُطْرُب.
الثالث الخضوع ؛ قاله مقاتل.
﴿ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سواء ﴾ يعني من كفر.
﴿ بلى إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ يعني أن أعمالكم أعمال الكفار.
وقيل : إن بعض المسلمين لما رأوا قلة المؤمنين رجعوا إلى المشركين ؛ فنزلت فيهم.
وعلى القول الأول فلا يخرج كافر ولا منافق من الدنيا حتى ينقاد ويستسلِم، ويخضع ويذل، ولا تنفعهم حينئذ توبة ولا إيمان ؛ كما قال :﴿ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا ﴾ [ غافر : ٨٥ ] وقد تقدّم هذا المعنى.
وتقدّم في "الأنفال" إن الكفار يتوفّون بالضرب والهوان، وكذلك في "الأنعام".
وقد ذكرناه في كتاب التذكرة.
قوله تعالى :﴿ فادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ﴾
أي يقال لهم ذلك عند الموت.
وقيل : هو بشارة لهم بعذاب القبر ؛ إذ هو باب من أبواب جهنم للكافرين.
وقيل : لا تصل أهل الدركة الثانية إليها مثلاً إلا بدخول الدركة الأولى ثم الثانية والثالثة هكذا.
وقيل : لكل دركة باب مفرد، فالبعض يدخلون من باب والبعض يدخلون من باب آخر.
فالله أعلم.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي ماكثين فيها.
﴿ فَلَبِئْسَ مَثْوَى ﴾ أي مقام ﴿ المتكبرين ﴾ الذين تكبّروا عن الإيمان وعن عبادة الله تعالى، وقد بيّنهم بقوله الحق :﴿ إِنَّهُمْ كانوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [ الصافات : ٣٥ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon