اعلم أنها إن كانت موصولة بما قبلها، فقد ذكرنا وجه ارتفاعها، وأما إن كانت مقطوعة، فقال الزجاج : جنات عدن مرفوعة بإضمار "هي" كأنك لما قلت ولنعم دار المتقين قيل : أي دار هي هذه الممدوحة فقلت : هي جنات عدن، وإن شئت قلت : جنات عدن رفع بالإبتداء، ويدخلونها خبره، وإن شئت قلت : نعم دار المتقين خبره، والتقدير : جنات عدن نعم دار المتقين.
المسألة الثانية :
قوله :﴿جنات﴾ يدل على القصور والبساتين وقوله :﴿عَدْنٍ﴾ يدل على الدوام، وقوله :﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ يدل على أنه حصل هناك أبنية يرتفعون عليها وتكون الأنهار جارية من تحتهم، ثم إنه تعالى قال :﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءونَ﴾ وفيه بحثان : الأول : أن هذه الكلمة تدل على حصول كل الخيرات والسعادات، وهذا أبلغ من قوله :﴿فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين﴾ [ الزخرف : ٧١ ] لأن هذين القسمين داخلان في قوله :﴿لَّهُمْ فِيهَا مَا يشاؤن﴾ مع أقسام أخرى.
الثاني : قوله :﴿لَّهُمْ فِيهَا مَا يشاؤن﴾ يعني هذه الحالة لا تحصل إلا في الجنة، لأن قوله :﴿لَّهُمْ فِيهَا مَا يشاؤن﴾ يفيد الحصر، وذلك يدل على أن الإنسان لا يجد كل ما يريده في الدنيا.