ثم قال تعالى :﴿فَسِيرُواْ فِى الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين﴾ والمعنى : سيروا في الأرض معتبرين لتعرفوا أن العذاب نازل بكم كما نزل بهم، ثم أكد أن من حقت عليه الضلالة فإنه لا يهتدي، فقال :﴿إِن تَحْرِصْ على هُدَاهُمْ﴾ أي إن تطلب بجهدك ذلك، فإن الله لا يهدي من يضل، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ عاصم وحمزة والكسائي ﴿يَهْدِي﴾ بفتح الياء وكسر الذال والباقون :﴿لاَّ يَهِدِّى﴾ بضم الياء وفتح الدال.
أما القراءة الأولى : ففيها وجهان : الأول : فإن الله لا يرشد أحداً أضله، وبهذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما.
والثاني : أن يهدي بمعنى يهتدي.
قال الفراء : العرب تقول : قد هدى الرجل يريدون قد اهتدى، والمعنى أن الله إذا أضل أحداً لم يصر ذلك مهتدياً.
وأما القراءة المشهورة : فالوجه فيها إن الله لا يهدي من يضل، أي من يضله، فالراجع إلى الموصول الذي هو من محذوف مقدر وهذا كقوله :﴿مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ﴾ [ الأعراف : ١٨٦ ] وكقوله :﴿فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله﴾ [ الجاثية : ٢٣ ] أي من بعد إضلال الله إياه.
ثم قال تعالى :﴿وَمَا لَهُم مّن ناصرين﴾ أي وليس لهم أحد ينصرهم أي يعينهم على مطلوبهم في الدنيا والآخرة.
وأقول أول هذه الآيات موهم لمذهب المعتزلة، وآخرها مشتمل على الوجوه الكثيرة الدالة على قولنا، وأكثر الآيات كذلك مشتملة على الوجهين، والله أعلم.
﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ﴾
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
اعلم أن هذا هو الشبهة الرابعة لمنكري النبوة فقالوا القول بالبعث والحشر والنشر باطل، فكان القول بالنبوة باطلاً.