والوجه الثاني : في بيان إمكان الحشر والنشر أن كونه تعالى موجداً للأشياء ومكوناً لها لا يتوقف على سبق مادة ولا مدة ولا آلة، وهو تعالى إنما يكونها بمحض قدرته ومشئته، وليس لقدرته دافع ولا لمشيئته مانع فعبر تعالى عن هذا النفاذ الخالي عن المعارض بقوله :﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وإذا كان كذلك، فكما أنه تعالى قدر على الإيجاد في الإبتداء وجب أن يكون قادراً عليه في الإعادة، فثبت بهذين الدليلين القاطعين أن القول بالحشر والنشر والبعث والقيامة حق وصدق، والقول إنما طعنوا في صحة النبوة بناء على الطعن في هذا الأصل، فلما بطل هذا الطعن بطل أيضاً طعنهم في النبوة، والله أعلم.
المسألة الثانية :
قوله :﴿وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم﴾ حكاية عن الذين أشركوا، وقوله :﴿بلى﴾ إثبات لما بعد النفي، أي بلى يبعثهم، وقوله :﴿وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا﴾ مصدر مؤكد أي وعد بالبعث وعداً حقاً لا خلف فيه، لأن قوله يبعثهم دل على قوله وعد بالبعث، وقوله :﴿لِيُبَيّنَ لَهُمُ الذى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ من أمور البعث أي بلى يبعثهم ليبين لهم وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين فيما أقسموا فيه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ٢٣ ـ ٢٦﴾