﴿ جنات عدن ﴾ يحتمل أن يرتفع على خبر ابتداء مضمر بتقدير هي جنات عدن، ويحتمل أن يرتفع بقوله ﴿ ولنعم دار المتقين ﴾ [ النحل : ٣٠ ] ﴿ جنات عدن ﴾ ويحتمل أن يكون التقدير، لهم جنات عدن، ويحتمل أن يكون ﴿ جنات ﴾ مبتدأ وخبره ﴿ يدخلونها ﴾، وقرأ زيد بن ثابت وأبو عبد الرحمن " جناتِ " بالنصب، وهذا نحو قولهم زيد ضربته، وقرأ جمهور الناس " يدخلونها "، وقرأ إسماعيل عن نافع " يُدخَلونها " بضم الياء وفتح الخاء، ولا يصح هذا عن نافع، ورويت عن أبي جعفر وشيبة بن نصاح، وقوله ﴿ تجري من تحتها الأنهار ﴾ في موضع الحال وباقي الآية بين. وقرأ الجمهور " تتوفاهم " بالتاء، وقرأ الأعمش " يتوفاهم " بالياء من تحت، وفي مصحف ابن مسعود " توفاهم " بتاء واحدة في الموضعين، و﴿ طيبين ﴾ عبارة عن صلاح حالهم واستعدادهم للموت، وهذا بخلاف ما قال في الكفرة ﴿ ظالمي أنفسهم ﴾ [ النحل : ٢٨ ]، والطيب الذي لا خبث معه، ومنه قوله تعالى ﴿ طبتم فادخلوها خالدين ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وقول الملائكة :﴿ سلام عليكم ﴾، بشارة من الله تعالى، وفي هذا المعنى أحاديث صحاح يطول ذكرها وقوله ﴿ بما كنتم تعملون ﴾ أي بما كان في أعمالكم من تكسبكم، وهذا على التجوز، علق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ويعترض في هذا المعنى قول رسول الله ﷺ :" لا يدخل الجنة أحد بعمله " قالوا : ولا أنت يا رسول الله، قال :" ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة " وهذه الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث.
قال القاضي أبو محمد : ومن الرحمة والتغمد، أن يوفق الله العبد إلى أعمال برة، ومقصد الحديث نفي وجوب ذلك على الله تعالى بالعقل، كما ذهب إليه فريق من المعتزلة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾