فعلى هذا يكون معنى الآية للذين أحسنوا ثواب إحسانهم في هذه الدنيا حسنة، وهي النصر والفتح والرزق الحسن، وغير ذلك مما أنعم الله به على عباده في الدنيا، ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى ﴿ ولدار الآخرة خير ﴾ يعني ما لهم في الآخرة مما أعد الله لهم في الجنة خير مما يحصل لهم في الدنيا ﴿ ولنعم دار المتقين ﴾ يعني الجنة وقال الحسن : هي الدنيا لأن أهل التقوى يتزودون منها إلى الآخرة والقول الأول أولى هو قول جمهور المفسرين لأن الله فسر هذه الدار بقوله ﴿ جنَّات عدن ﴾ يعني بساتين إقامة من قولهم : عدنَ بالمكان، أي أقام به ﴿ يدخلونها ﴾ يعني تلك الجنات لا يرحلون عنها ولا يخرجون منها ﴿ تجري من تحتها الأنهار ﴾ يعني تجري الأنهار في هذه الجنات من تحت دور أهلها وقصورهم ومساكنهم ﴿ لهم فيها ﴾ يعني في الجنات ﴿ ما يشاؤون ﴾ يعني ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين مع زيادات غير ذلك، وهذه الحالة لا تحصل لأحد إلا في الجنة لأن قوله فيها ما يشاؤون لا يفيد الحصر، وذلك يدل على أن الإنسان لا يجد كل ما يريد في الدنيا ﴿ كذلك يجزي الله المتقين ﴾ أي هكذا يكون جزاء المتقين، ثم عاد إلى وصف المتقين فقال تعالى ﴿ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ﴾ يعني مؤمنين طاهرين من الشرك.