" إنما " في كلام العرب هي للمبالغة وتحقيق تخصيص المذكور، فقد تكون مع هذا حاصرة إذا دل على ذلك المعنى، كقوله تعالى ﴿ إنما الله إله واحد ﴾ [ النساء : ١٧١ ] وأما قول النبي ﷺ " إنما الربا في النسيئة " وقول العرب : إنما الشجاع عنترة، فبقي فيها معنى المبالغة فقط، و﴿ إنما ﴾ في هذه الآية هي للحصر، وقاعدة القول في هذه الآية أن تقول، إن الإرادة والأمر اللذين هما صفتان من صفات الله تعالى القديمة، هما قديمان أزليان، وإن ما في ألفاظ هذه الآية من معنى الاستقبال والاستئناف إنما هو راجع إلى المراد، لا إلى الإرادة، وذلك أن الأشياء المرادة المكونة في وجودها استئناف واستقبال لا في إرادة ذلك ولا في الأمر به، لأن ذينك قديمان، فمن أجل المراد عبر ب ﴿ إذا ﴾ وب ﴿ نقول ﴾، ويرجع الآن على هذه الألفاظ فتوضح الوجه فيها واحدة واحدة، أما قوله ﴿ لشيء ﴾ فيحتمل وجهين : أحدهما أن الأشياء التي هي مرادة وقيل لها ﴿ كن ﴾، معلوم أن للوجود يأتي على جميعها بطول الزمن وتقدير الله تعالى، فلما كان وجودها حتماً جاز أن تسمى أشياء وهي في حالة عدم، والوجه الثاني أن يكون قوله ﴿ لشيء ﴾ تنبيهاً لنا على الأمثلة التي تنظر فيها، أي إن كل ما تأخذونه من الأشياء الموجودة فإنما سبيله أن يكون مراداً وقيل له ﴿ كن ﴾ فكان، ويكون ذلك الشيء المأخوذ من الموجودات مثالاً لما يتأخر من الأمور وما تقدم وفني، فبهذا يتخلص من تسمية المعدوم شيئاً، وقوله ﴿ أردناه ﴾ منزل منزلة مراد، ولكنه أتى بهذه الألفاظ المستأنفة بحسب أن الموجودات تجيء وتظهر شيئاً بعد شيء، فكأنه قال إذا ظهر للمراد منه، وعلى هذا الوجه يخرج قوله تعالى :﴿ فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ﴾ [ التوبة : ١٠٥ ]، وقوله تعالى :﴿ وليعلم اللهُ الذين آمنوا ﴾ [ آل عمران : ١٤٠ ] ونحو هذا مما معناه، ويقع منكم ما رآه الله تعالى في الأزل وعلمه، وقوله {