أحدها : أنها نزلت في ستة من أصحاب رسول الله ﷺ، بلالٍ، وعمار، وصهيب، وخبَّاب بن الأرتِّ، وعايش وجبر مَولَيان لقريش، أخذهم أهل مكة فجعلوا يُعذِّبونهم، ليردُّوهم عن الإِسلام، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : أنها نزلت في أبي جندل بن سهيل بن عمرو، قاله داود بن أبي هند.
والثالث : أنهم جميع المهاجرين من أصحاب رسول الله ﷺ، قاله قتادة.
ومعنى "هاجروا في الله" أي : في طلب رضاه وثوابه ﴿ من بعد ما ظُلموا ﴾ بما نال المشركون منهم، ﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ في الدنيا حسنة ﴾ وفيها خمسة أقوال : أحدها : لننزِلنَّهم المدينة، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والشعبي، وقتادة، فيكون المعنى : لَنُبَوِّئنَّهم داراً حسنة وبلدة حسنة.
والثاني : لنرزقنَّهم في الدنيا الرزق الحسن، قاله مجاهد.
والثالث : النصر على العدوِّ، قاله الضحاك.
والرابع : أنه ما بقي بعدهم من الثناء الحسن، وصار لأولادهم من الشرف، ذكره الماوردي، وقد روي معناه عن مجاهد، فروى عنه ابن أبي نجيح أنه قال :﴿ لنبوِّئنهم في الدنيا حسنة ﴾ قال : لسان صادق.
والخامس : أن المعنى : لنحسِنَنَّ إِليهم في الدنيا، قال بعض أهل المعاني : فتكون على هذه الأقوال "لنبوّئنهم"، على سبيل الاستعارة، إِلا على القول الأول.
قوله تعالى :﴿ ولأجر الآخرة أكبر ﴾ قال ابن عباس : يعني : الجنة، ﴿ لو كانوا يعلمون ﴾ يعني : أهل مكة.
ونقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كان إِذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه، قال : خذ بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ذخر لك في الآخرة أفضل، ثم يتلو هذه الآية.
ثم إِن الله أثنى عليهم ومدحهم بالصبر فقال :﴿ الذين صبروا ﴾ أي : على دينهم، لم يتركوه لأِذَى نالهم، وهم في ذلك واثقون بربهم.


الصفحة التالية
Icon