وبين المطلع والختام يستعرض السياق مقولات أولئك المستكبرين المنكرين عن الوحي والقرآن إذ يزعمون أنه أساطير الأولين. ومقولاتهم عن أسباب شركهم بالله وتحريمهم ما لم يحرمه الله، إذ يدعون أن الله أراد منهم الشر وارتضاه. ومقولاتهم عن البعث والقيامة إذ يقسمون جهدهم لا يبعث الله من يموت. ويتولى الرد على مقولاتهم جميعا. ويعرض في ذلك مشاهد احتضارهم ومشاهد بعثهم وفيها يتبرأون من تلك المقولات الباطلة، كما يعرض بعض مصارع الغابرين من المكذبين أمثالهم، ويخوفهم أخذ الله في ساعة من ليل أو نهار وهم لا يشعرون، وهم في تقلبهم في البلاد، أو وهم على تخوف وتوقع وانتظار للعذاب.. وإلى جوار هذا يعرض صورا من مقولات المتقين المؤمنين وما ينتظرهم عند الاحتضار ويوم البعث من طيب الجزاء. وينتهي بذلك المشهد الخاشع الطائع للظلال والدواب والملائكة في الأرض والسماء..
﴿ إلهكم إله واحد. فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون. لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين ﴾..
ويجمع السياق بين الإيمان بوحدة لله والإيمان بالآخرة. بل يجعل إحداهما دالة على الأخرى لارتباط عبادة الله الواحد بعقيدة البعث والجزاء. فبالآخرة تتم حكمة الخالق الواحد ويتجلى عدله في الجزاء..
﴿ إلهكم إله واحد ﴾ وكل ما سبق في السورة من آيات الخلق وآيات النعمة وآيات العلم يؤدي إلى هذه الحقيقة الكبيرة البارزة، الواضحة الآثار في نواميس الكون وتناسقها وتعاونها كما سلف الحديث.
فالذين لا يسلمون بهذه الحقيقة، ولا يؤمنون بالآخرة وهي فرع عن الاعتقاد بوحدانية الخالق وحكمته وعدله هؤلاء لا تنقصهم الآيات ولا تنقصهم البراهين، إنما تكمن العلة في كيانهم وفي طباعهم.
إن قلوبهم منكرة جاحدة لا تقر بما ترى من الآيات، وهم مستكبرون لا يريدون التسليم بالبراهين والاستسلام لله والرسول. فالعلة أصيلة والداء كامن في الطباع والقلوب!.


الصفحة التالية
Icon