واستدل بالآية على أنه تعالى لم يرسل امرأة ولا صبياً لا ينافيه نبوة عيسى عليه السلام في المهد فإن النبوة أعم من الرسالة ؛ ولا يقتضي صحة القول بنبوة مريم أيضاً لأن غايته نفي رسالة المرأة، ولا يلزم من ذلك إثبات نبوتها، وذهب إلى صحة نبوة النساء جماعة وصحح ذلك ابن السيد، ولا ينافي ما دلت عليه الآية من نفي إرسال الملائكة عليهم السلام قوله تعالى :﴿ جاعل الملائكة رسلاً ﴾ [ فاطر : ١ ] لأن المراد جاعلهم رسلاً إلى الملائكة أو إلى الأنبياء عليهم السلام لا للدعوة العامة وهو المدعي كما علمت فالرسول إما بالمعنى المصطلح أو بالمعنى اللغوي، وقال الجبائي : إن الملائكة عليهم السلام لم يبعثوا إلى الأنبياء عليهم السلام إلا ممثلين بصور الرجال ورد بما روي أن نبينا ﷺ رأى جبريل عليه السلام على صورته التي هو عليها مرتين، وهو وارد على الحصر المقتضى للعموم فلا يرد عليه أنه لا دلالة فيما روي على رؤية من قبل نبينا عليه الصلاة والسلام لجبريل عليه السلام على صورته مع أنه إذا ثبت ذلك للنبي ﷺ ولم يثبت أنه من خصوصياته عليه الصلاة والسلام فلا مانع من ثبوته لغيره قاله الشهاب، وذكر أنه نقل الإمام عن القاضي أن مراد الجبائي أنهم لم يبعثوا إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بحضرة أممهم إلا وهم على صور الرجال كما روي أن جبريل عليه السلام حضر عند رسول الله ﷺ بمحضر من أصحابه في صورة دحية الكلبي وفي صورة سراقة وفي صورة أعرابي لم يعرفوه.
واستدل بها أيضاً على وجوب المراجعة للعلماء فيما لا يعلم.